في بطن أحد الجبال الشاهقة التي تحيط بالقاهرة من ناحية الجنوب تقع قرية كرداسة التي تعد أشهر القرى المصرية في صناعة النسيج بكل أشكاله، خاصة المشغولات اليدوية، وأهمها الجلاليب بمختلف أنواعها. كما تعد كرداسة نموذجا فريدا للقرى في المنطقة العربية التي نجح سكانها في أن يصنعوا لأنفسهم خصوصية بأدوات بسيطة من البيئة المحلية، واستطاعوا أن يكوّنوا علاقة متميزة بين التاريخ والجغرافيا، فقد تحولت كرداسة من قرية عادية يعاني أغلب سكانها من الفقر إلى موقع بارز على الخريطة السياحية المصرية بجانب الأهرامات، و"أبو الهول".

وأضحى معظم السياح الأجانب الذين يفدون إلى مصر يحرصون على زيارة كرداسة ضمن برامجهم السياحية فهى تتميز بطابع خاص فى مجال التصنيع التجارى والسياحى لاسيما الصناعات اليدوية والمنسوجات التى أكسبتها شهرة عالمية من خلال تصدير منتجاتها للخارج ,حيث تضم كرداسة حوالى 300 من المحال السياحية وكذلك 150 ورشة عمل وتضم المحلات انواعا عديدة من المصنوعات مثل الجلاليب المطرزة والمشغولة يدويا والسجاد اليدوى والمشغولات الفضية والنحاسية والجلود وأوراق البردى والأرابيسك والصدف .

لا يفصل كرداسة عن أهرامات الجيزة التي يزورها آلاف السياح الأجانب يوميا سوى حوالي عشرة كيلو مترات. ويقيم بها حاليا نحو 120 ألف نسمة. نصفهم ليسوا من أهل البلدة بل نزحوا إليها من أقاليم مصر المختلفة بحثا عن العمل والسكن؛ نظرا لقربها من العاصمة المزدحمة بالسكان. أما الباقون فمن السكان الأصليين لكرداسة، وهم عبارة عن مجموعة من عائلات معروفة بالاسم، أبرزها: بيت عيسي، مكاوي، الشيخ، السيد، محمود، الطيار.. وكل هؤلاء توارثوا العمل في النسيج بكافة أشكاله، بدءا من صناعة السجاد اليدوي والجلباب البلدي، وانتهاء بأزياء خاصة بالسيدات اشتهرت بها ورش التصنيع في كرداسة. والجيل الحالي الذي يعمل في صناعة النسيج ورث العمل عن الآباء، وإن كانت صورة القرية اليوم مختلفة؛ فالعاملين بهذه الصناعة يرتدون الملابس الحديثة ويركبون سيارات فارهة ويتحدثون في "الموبايل". وهي عكس الصور التي يضعونها لآبائهم على حوائط الورش وهم يرتدون الجلباب البلدي، وهو الزي التقليدي لمعظم أهل قرية كرداسة. وهناك زي خاص للمرأة وهو الذي انطلقت منه العباءة البدوية التي يحرص السياح العرب والأجانب على اقتنائها عند زيارتهم لهذه القرية.


لا يعرف أحد على وجه التحديد متى بدأت صناعة النسيج في قرية كرداسة، لكن المعروف أن أهالي القرية في الماضي كانوا على نوعين: الأول يمتهن الزراعة خاصة زراعة الموالح، أما النوع الثاني فكان نشاطه الرئيسي هو النسيج. وحسب رواية الأهالي فإن القرن العشرين كان فاتحة خير على القرية؛ حيث كان معظم السكان يعملون في تصنيع بعض الملابس اليدوية لجنود جيش الاحتلال البريطاني لمصر (1882-1952) مقابل دخل محدود نظير هذه المهمة، حيث كان الجنود يحرصون على اصطحاب أبنائهم وزوجاتهم لزيارة القرية والاتفاق مع النساجين على التصاميم المختلفة. وظلت هذه الظاهرة تمثل دخلا منتظما لبعض العائلات طوال النصف الأول من القرن العشرين.

وتم إقامة 3 مصانع ضخمة في القرية بعد عام 1952 ميلاديا، كان أحدها مخصصا لصناعة الشاش الطبي، والآخر للقطن الطبي أيضا.. أما الثالث فكان يتم فيه تصنيع المستلزمات القطنية للفنادق. وكلها كانت تدار بطريقة القطاع العام. واستوعبت المصانع الثلاثة نحو ثلثي طاقة العاملين في مجال النسيج بكرداسة، مقابل رواتب شهرية منتظمة.

وكانت الدولة مسئولة عن توزيع واستيعاب المنتَج. وبجانب هذه المصانع كان يوجد مشاغل (ورش) صغيرة تتخصص في تشغيل النساء والبنات في تصنيع الشيلان (جمع شال) والعباءات المطرزة.

وقد لجأ كبار "الصنايعية" (الصنّاع) إلى تحويل منازلهم إلي مشاغل بسيطة، وعلى يد حوالي عشرة من هؤلاء بدأت صناعة النسيج اليدوي تتخذ طابعا جديدا بعد أن جمع كل واحد منهم مجموعة من العاملين وبدأ في الإنتاج على نفقته الخاصة.

الشارع السياحى بكرداسة

في نفس الوقت كان الانفتاح الذي تبناه الرئيس أنور السادات يلتقط مثل هذه التجارب. وظهرت في القرية لأول مرة فكرة إنشاء شارع سياحي يتم فيه عرض المنتجات بعد أن كان أصحاب المصانع يحملونها ويتجولون بها في محلات العاصمة لعرضها على الجمهور. وتدريجيا أخذت تجربة قرية كرداسة في النمو. وحدثت الطفرة الضخمة في هذه التجربة عندما انفتحت أبواب مصر لاستقبال السياح العرب والأجانب؛ فعادت من جديد تقفز ظاهرة البحث عن التصنيع اليدوي والمشغولات المطرزة التي تلفت وتجذب انتباه الأجانب.

ومن هنا حدث الانتعاش وتطورت القرية وبدأ أهل المهنة يعرفون التعامل بالعملات الأجنبية، وطريق التعامل مع البنوك، إلى أن جاءت حقبة الثمانينيات التي تعد ذروة الانتعاش وأعلى مرحلة استطاع فيها أهل كرداسة أن يتذوقوا طعم الثراء الذي انعكس بسرعة على شكل الحياة؛ فقد حدثت طفرة في المباني وعرفت القرية العمائر التي تضم عشرين طابقا بعد أن كان أعلى منزل مكونا من طابقين. كما أن الشارع السياحي الرئيسي في القرية امتلأ عن آخره بـ"البازارات" والمعارض؛ حيث حرص كل صاحب ورشة أو مصنع أن يمتلك منفذا لتسويق منتجاته، خاصة أن هذا الشارع أصبح يعج بالسياح وتتوافد عليه الأفواج من كل دول العالم المختلفة.

فهو شارع بطول نحو نصف كيلو ويضم بازارات ومعارض على الجانبين، ويضم أكثر من 300 محل يديرها أصحابها أو أقاربهم .

كرداسة مزارا سياحيا

تحولت كرداسة إلى مزار سياحي، فقرينة الرئيس أنور السادات كانت تصطحب زوجات السياسيين والرؤساء لزيارة كرداسة وتقوم بإهدائهم جلابيب مصنوعة يدويا في هذه القرية؛ مما أدى إلى ظهور القرية على الساحة الإعلامية محليا ودوليا، بجانب الاهتمام النسبي من المسئولين في الجهاز الحكومي بمنح كرداسة وضعا مميزا عن باقي القرى. وكانت محصلة هذا التركيز الإعلامي أن أصبحت منتجات كرداسة اليدوية تتخذ الطابع العالمي، وبدأت بعض الشركات في جذب العائلات الكبيرة -مثل عائلة عيسى- لتنشئ فروعا لمعروضاتها في الولايات المتحدة، كما أن لعائلات أخرى أفرعًا للمصانع والمعارض في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية ودول خليجية أخرى.

 

كما تضم كرداسة حوالى 300 من المحال السياحية وكذلك 150 ورشة عمل وتضم المحلات انواعا عديدة من المصنوعات مثل الجلاليب المطرزة والمشغولة يدويا والسجاد اليدوى والمشغولات الفضية والنحاسية والجلود وأوراق البردى والأرابيسك والصدف .

Gizatourism

الادارة العامة للسياحة بالجيزة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2841 مشاهدة
نشرت فى 9 مارس 2016 بواسطة Gizatourism

ساحة النقاش

عن الادارة العامة للسياحة بالجيزة

Gizatourism
نهدف الى مضاعفة الدخل السياحي وجذب رضاء السائحين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,694,434

انشاء موقع الإلكتروني للواحات


  تم انشاء وتصميم موقع الإلكتروني للواحات البحرية وتدريب عدد  ( 10 ) من العاملين بالوحدة المحلية للعمل على إدارة الموقع